فلسفة العرب في اختيار الأسماء لها أصول
أسماء وصفات الفتيات عند عربان الجزيرة جاءت من الظباء
العرب أصحاب فلسفة ذات أصول وقواعد في اختيار الأسماء خصوصا أسماء وصفات الفتيات فعندهم أسماء شائعة الصيت للفتيات ويحفل التراث العربي بكثير من أسماء الفتيات كلها جاءت من الظباء حيث المواصفات شديدة التفرد كقوة الجسم ورشاقة الحركة والذكاء وشدة الملاحظة.. وطبعا قبل هذا كله الجمال.
وهناك أسماء بعينها كانت تستخدم قديما عند العرب في الحواضر والبوادي ومازالت تستخدم في عصرنا الحالي مثل «العنود» التي تعني عند عربان الجزيرة قائدة سرب الظباء وفي اللغة العربية الفصحى الجميلة.. وأيضا هناك «غزيل» مصغر غزال، وريم وريمة وهي الغزال الذي يبدو للرائي من بعيد أبيض اللون.. وغيرها الكثير.
> العنود- في اللغة العربية الفصحى وفي كلام عرب الجزيرة: هي الغزالة التي تقود سرب الظباء، وتتميز بمواصفات خاصة، فهي قوية الجسم رشيقة الحركة، شديدة الملاحظة كثيرة التلفت، حذرة على الدوام وسرب “السرب مسمى فصيح للظباء والطيور” الظباء ذكورا واناثا، دائما قائدتهم انثى هي “العنود” مختارة من كل افراد القطيع “السرب”.
والعنود: اسم شائع للفتيات عند عرب الجزيرة بادية وحاضرة والعنود صفة جمالية تطلق على البنت الجميلة، فهي تشبه العنود يقولون: “فلانة عنود” او “فلانة عنود الجميلة” او “فلانة عنود الصيد”.
الجميلة في اللغة العربية الفصحى وفي كلام عرب الجزيرة: تعني سرب الظباء، وقد يصل تعداد السرب الى اكثر او اقل من مئة ظبي وظبية، وجمع “جميلة” “جمايل”. والجميلة والسرب كلمتان دارجتان على لسان عرب الجزيرة.
والصيد: من صاد يصيد والمقصود الغزلان فهي الصيد المفضل.
يقول الشاعر الشعبي واصفا حبيبته الجميلة بالعنود، ومحذرا من يجيء او يمر على بيتها، فمن يداري ويخاف على عمره فليبتعد لئلا يصرعه حسنها وجمالها، فهي تشبه نجم سهيل والبنات الأخريات يشبهن نجوم المجرة “نجوم درب التبانة او الدرب الحليبي” وان هذه الغادة الحسناء فرقها عند غيرها من الفتيات مثل فرق البندقية العثمانية، القديمة الفتيل عن البندقية العثمانية الجديدة السواري.. يقول:
لا تجي بيت “العنود” ولا تمره
ما يجيها اللي على عمره يداري
“العنود” سهيل والبيض المجرة
فرقها فرق الفتيل من السواري
واسم” العنود” او “عنود” مازال مستخدما وبكثرة في عصرنا الحالي اسما لبنات عرب الجزيرة العربية في الحواضر والبوادي.
ولكل جماعة من الظباء عنود تقودها لظباء الريم عنود، ولظباء العفري عنود، ولظباء المها عنود، يقول فلكي البادية الذائع الصيت راشد الخلاوي:
حبايلي صادت “عنود” من المها
رباعية من سايلات المدامع
ويقول الشاعر سليمان بن حاذور من اهل الرياض متغزلا بعنود الريم حبيبته:
عند “عنود الريم مكحولة العين
موردة الخدين ما احلى عجبها
شفته وورتني ملامح بطرفين
ومن الحيا غطى نظيره هدبها
الغزيل من الاسماء الشائعة
> غزيل: مصغر غزال، وهو الغزال الصغير وغزيل من الاسماء التي كانت شائعة عند عرب الجزيرة العربية ويسمون به بناتهم، ولكن في الوقت الحاضر بدأ يقل تداول هذا الاسم.
وغزيل صفة جمالية يطلقها البدو والحضر على الفتاة الانيقة الرشيقة الضامرة يقولون : “فلانة غزيل” او “فلانة كأنها غزيل”.
يصف أحد الشعراء الشعبيين حبيبته قائلا:
سلام يا عين “الغزيل” الى سج
يا “خشف ريم”عاودت عقب هجه
عليه دمعي كل يوم تزعج
تزعيج موج للأحيمر يزجه
ويقول الشاعر واصفا حبيبته بـ”الغزيل”
“غزيل” فله بدبي لا قاني ممشط القذله
سلم بالاعياني
وهذا الداحوح يخاطب الحاشي “الجمل الفتي” وهو اسم يطلق على الفتاة التي تدخل لتلاعب الداحوح في رقصة الدحة يصف الحاشي “الفتاة” قائلا:
عيونك عيون “الغزيل” اللي بمقيله مقيل
دلّوا عليه الطرقية
اي انت عيونك تشبه عيون الغزيل النائم “المقيل” في منامه “مقيله” في وقت القائلة او القيلولة ولكن الطراق “المسافرين” ازعجوه وايقظوه من منامه.
ولنستمع للامير الشاعر محمد بن احمد السديري ( ت1979م) وهو يصف العلاقة العاطفية بينه وبين حبيبته التي تشبه الغزال يقول:
“غزال” ضيعت عقلي وروحي
رمت قلبي وقلبي مارماها
نحيل الخصر وضاح الثنايا
نظيم الدر منظوم بفاها
لها بالروح وفوادي موده
ولا شيء من احوالي خفاها
تعرف اني لها مملوك طايع
ابيع الروح في دورة رضاها
ملاحظة:
لا تنس ان هذا شعر شعبي سماه ابن خلدون (ت 808 ه¯ - 1405 م) ب¯ “الشعر البدوي” وقال عنه ان كلماته موقوفة الاخر تلتزم بالسكون ولا تلتزم بحركات الاعراب، ويعرف الفاعل من المفعول به والمبتدأ من الخبر من قرائن الكلام وسياقه. وهذا “الشعر البدوي” شأنه شأن الاشعار الدارجة عند الناس لا يلتزم بموازين الشعر الفصيح للخليل بن احمد الفراهيدي.
> الجازي أو جازي: اسم شائع لنساء عرب الجزيرة وخصوصا عند عربان البادية، فهم يسمون بناتهم ب¯”الجازي” أو” جازي”. والجوازي في اللغة العربية الفصحى وفي كلام عرب الجزيرة: هي الظباء التي جزأت بالرطب عن الماء. يقال: “ظبية جازية” أي استغنت بالعشب الأخضر وبورق وجذور الأشجار وبالندى عن شرب الماء.
ومن قرأ السيرة الهلالية، يجد أن اسم “الجازي” و”الجازية” من الاسماء المفضلة لبناتهم، فاسم بنت أمير بني هلال الشيخ حسن بن سرحان هو “الجازي” أو “الجازية” بمعنى “الظبي” أو “الظبية” وهذا راشد الخلاوي فلكي البادية الشهير بمعرفة حركة النجوم والمتغيرات المناخية يذكر الجوازي:
“الناس ليا نزلوا الصمان انا انزل العلا
في منزل كل الخلايق ترانيه
شبيت ضو يعجب الضيف صلوها
عليها من لحم “الجوازي” ثمانية
دعيت جيراني على طيب القرى
يوم ان داعيهم نسى ما دعانيه
كيف أنا اخلي الطيب وانكس على الردى
الطيب يبقى والاعمار فانيه”
> ريم أو ريمية: من الأسماء الشائعة لبنات عربان الجزيرة في البوادي والحواضر . وغزلان الريم كانت فيما مضى وقبل ان تنقرض من الانواع السائدة في جزيرة العرب، وكاتب هذه السطور ادركها وما زالت ذكرياتها عالقة في ذهنه أيام الفتوة والشباب . وغزال الريم هو الغزال الذي يبدو للرائي له من بعيد ابيض اللون. فالبطن والخاصرتان والوجه والسيقان كلها ذات لون أبيض ، ما عدا ظهره بني فاتح (مجازا ظهره أحمر).
لنستمع الى الشاعر فهد بن راشد بن ناصر البورسلي( ت 1960م):
“قايد”الريم” تاخذني عليه الشفاقه
ليتني دب دهري محبس في يمينه
آه وا قلبي اللي راح مني سراقه
تل عرق الموده وانقطع في يدينه”.
وقال الشاعر سليمان بن حاذور:
“اللي ذبحني سعوديه
ربي من الزين معطيها
من شافها قال حوريه
الزين والملح غاشيها
العنق ياعنق “ ريميه”
كن الحمامه تماشيها”
وهذا الشاعر الجاهلي قيس بن الخطيم يصف جيد حبيبته بجيد “الريم”، وقد توقد عليه الياقوت المفصول بحبات الزبدجد:
“ وجيد كجيد “الرئم” صاف يزينه
توقد ياقوت وفصل زبرجد
وهذا أمير الشعراء أحمد شوقي بن علي بن أحمد (ت1351 ه¯/ 1932م) يخاطب حبيبته الريم
“ ريم على القاع بين البان والعلم
أحل سفك دمي في الاشهر الحرم
رمى القضاء بعيني جؤذر اسدا
ياسكن القاع، ادرك ساكن الأجم”.
اسمان شائعان
> عفراء والعفري: اسمان شائعان للفتيات عند عربان الجزيرة، وخصوصا عند أهل البادية أيام زمان، والآن قل استعمال هذين الاسمين.
و”العفري” هو الغزال الذي لون جسمه بني فاتح(مجازا نقول لونه أحمر) ماعدا أسفل بطنه لونه ابيض، والغزال العفري الذي يعيش في جزيرة العرب هو أصغر أنواع الغزلان، وكاتب هذه السطور يتذكر اسراب هذه الغزلان العفراء وهي تتجول على أرض جزيرة العرب قبل ان يقضي عليها الصيد الجائر بواسطة السيارات والبنادق السريعة الطلقات.
ويسمى الغزال الذكر باسم “عفري” و”اعفر” و “عفر” وكانت اسماء شائعة للرجال في جزيرة العرب، خصوصا عند أهل البادية. وتسمى الغزالة الأنثى باسم “ عفراء” و”عفرية” وهما اسمان شائعان عند نساء عرب الجزيرة حاضرة وبادية، ويتميز الغزال العفري عن بقية الغزلان بحاسة الشم القوية التي يمتلكها، فهو ينفر ويهرب من أي مكان يشم فيه أي رائحة كريهة مهما كانت هذه الرائحة قليلة وبسيطة ولا تكاد تذكر، فمثلا هو ينفر من الروض الأخضر إذا كان فيه حيوانا ميتا ولو كان هذا الحيوان صغيرا كالجربوع. لذلك يضربون المثل بالغزال العفري للانسان الحساس للروائح فيقولون: “ فلان أو فلانة خشم عفري أو عفرية” أي ان خشمه “أنفه” حساس لأي رائحة كريهة.
والظبي الاعفر، تصفه معاجم لغة العرب بأنه الظبي الذي يعلو بياض بطنه الحمرة السائدة.
وهذا الشاعر عبدالله بن محمد بن فرج الدوسري (ت1319هـ/1901م) يصف حبيبته بالجادل العفر (الاعفر) أي الغزال الاعفر مجدول العضلات القوي، يقول:
“ألا ياهل المعروف ما ينفع الحذر
قضى الله ربي ما قضى بامره الجاري
بلاني الهوى وبليت ب¯ “الجادل العفر”
وهذا المقدر ياعلي حكمة الباري”.
وهذا الشاعر عروة بن حزام من مهاجر العذري هام بحب ابنة عمه “عفراء” التي زوجها أبوها برجل ثري من أهل الشام، ولما علم عروة بزواج ابنة عمه مات حزنا وكمدا عليها سنة 30 هـ/650م، يقول:
“فوا كبدا امست رفاتا كأنما
يلذّعها بالموقدات طبيب
عيشية لا “ عفراء” منك بعيدة
فتسلو ولا “عفراء” منك قريب
فو الله لا أنساك ماهبت الصبا
وما عقبها في الرياح جنوب “.
المها والمهاة
> مها والمها والمهاة: هذه اسماء شائعة وذائعة للفتاة العربية عند العرب الأوائل والآواخر ، ولايزال عربان الجزيرة في البوادي والحواضر يسمون بها بناتهم حتى هذا اليوم وهي من الاسماء المفضلة عندهم.
وفي معاجم وقواميس لغة العرب “المها” هو بقر الوحش ، تسمى الواحدة “مهاة” أو “بقرة وحشية”، ولكن عرب جزيرة العرب المتأخرين اضافوا لها اسما جديدا هو “الوضيحي” للذكر و”الوضيحية” للأنثى، بسبب لونها الأوضح أي الابيض الناصع. ويعتبر المها أضخم وأجمل ظباء جزيرة العرب، ويصنفه المتخصصون بأنه من أجمل ظباء الكرة الأرضية على الإطلاق، وهو غزال عربي ضخم موطنه الاصلي شبه الجزيرة العربية، فعلى ارضها تناسلت أجياله المتعاقبة منذ عصور الجاهلية حتى انقراضه في عصرنا الحالي.
وهو حيوان أبيض اللون،قوائمه سوداء ، ووجهه الأبيض فيه بقعة سوداء ، احاط سوادها بعينيه الواسعتين الجميلتين الساحرتين فأكسبها كحلا طبيعيا زاهيا. يصل وزن “المهاة”أو “ بقر الوحش أو”الوضيحية” إلى 200 كيلو غرام ويبلغ ارتفاع جسمها عن الارض مترا واحدا. لها ظلف كظلف البقرة وذيل كذيلها . وللمها قرنان يستخدمان كسلاح فعال جدا للدفاع عن النفس ويبلغ طولهما ثلاثة أقدام والمها تتكيف وتتلاءم مع البيئة الصحراوية الجافة فهو من “الجوازي” يجوز عن شرب الماء في الصيف ويستعيض عنه بعصارة جذور النباتات والأشجار ، وبالندى الذي يتساقط على أوراق النباتات في الليل والصباح الباكر. ويتغذى المها على الاعشاب الضئيلة والاعواد والاوراق اليابسة والشجيرات والطحالب التي تقاوم طبيعة البيئة الصحراوية القاسية ويتميز المها بحاستي سمع وشم مرهفتين وقويتين جدا بحيث تتلاءمان مع الوسط الصحراوي الرملي الذي يعيش فيه .
والمصيبة الكبرى ان المها العربي اذا انقرض وزال وجوده من شبه جزيرة العرب، فإنه لا يوجد من فصيلته ما يشبهه في أي بلد من بلدان العالم ، فالمها العربي نوع فريد يختلف عن غيره بكثير من المواصفات والألوان . والمها العربي مثل بقية الغزلان العربية تقوده انثى يسميها عرب الجزيرة ب¯ “العنود” فهي ملكة السرب “القطيع” ولها ولية عهد إذ ماتت او اصيبت تحل محلها.
والبقية القليلة من المها العربي حفظته لنا المحميات وحدائق الحيوان في بلدان الخليج العربي.
> المستشرقون والرحالة الأجانب وصفوا المها العربي:
الرحالة الايطالي كارل غورماني سافر الى الشام عام 1850 وتجول في بوادي الشام وفلسطين وشمال نجد ، زار حائل وعنيزة، ومن مؤلفاته كتاب اسمه “ شمال نجد” (Northern Najd) ذكر غورماني في هذا الكتاب انه شاهد المها العربي باعداد كثيرة في شمال الجزيرة العربية ، ويتجول بأسراب كثيرة في صحاري جزيرة العرب.
وهذا الرحالة البريطاني تشارلز دوتي زار الجزيرة العربية ما بين عامي 1876 و 1878 وتسمى باسم «خليل النصراني» وتجول مع عربان البادية وعاش حياة البادية بكل شظفها وضنكها، وألف كتابه الكبير الذي سماه «رحلات في الصحراء العربية»، ذكر دوتي وجود المها العربي في شمال الجزيرة العربية في ديار قبيلة الشرارات، وذكر دوتي أنه شاهد المها (البقر الوحشي) عند بعض أهالي مدينة حايل، وذكر كذلك أن قرون البقر الوحشي (المها أو الوضيحي) يستعملها أهالي قرى نجد لتفتيت التمر حيث يتلاصق داخل أوعيته التي يحفظ بها، وذكر أن البدو يستخدمون قرون المها أوتادا لخيامهم ويستعملون جلوده لصنع الأحذية، وأشار الى كثرة أسرابه التي تتجول في جزيرة العرب.
وهذا الرحالة المستشرق التشيكوسلوفاكي الجنسية النمساوي الأصل لويس موزيل الذي بدأ رحلاته الى ديار العرب عام 1896 وكان عمره آنذاك 28 عاما وتنقل على ظهر ذلوله (ناقته) مع عربان الصحراء وكأنه واحدا منهم واستمرت حياته مع عرب الصحراء لمدة عشرين عاما، أكثرها مع قبيلة الرولة من عنزة، وتآخى مع شيخ قبيلة الرولة النوري بن هزاع بن نايف الشعلان، وغير اسمه من لويس موزيل إلى (الشيخ موسى الرويلي) وصار فيما بعد من أكبر أساتذة التاريخ القديم والحديث للعالم العربي الإسلامي في جامعة براغ، ذكر لويس موزيل انه شاهد أسراب المها بكثرة تتجول في منطقة صحراء النفوذ الكبرى في شمال المملكة العربية السعودية، وذكر أن المها تخرج وترعى ليلا ونهارا في فصل الصيف لأن العربان قاطنون على آبارهم، ولكن المها في موسم الشتاء والربيع لا تسرح إلا ليلا بسبب أن عربان الصحراء منتشرون على منطقة النفود وفي الصحراء عموما مع حلالهم طلبا للعشب والشجر(الكلأ) لذلك يضطر المها إلى الخروج ليلا طلبا للمرعى.
وهذا الرحالة البريطاني ولفرد ثيسجر الذي سماه عرب الإمارات والربع الخالي باسم «مبارك بن لندن» ذكر أنه عندما اجتاز صحراء الربع الخالي عام 1948 شاهد قطيعا يتكون من 48 مهاة (بقرة وحشية) وذكر أن المها متواجد بكثرة في منطقة الربع الخالي، وهذه المشاهدة لهذا الرحالة البريطاني ثيسجر تؤكد لنا أن انقراض المها منذ فترة قريبة في الستينات من القرن الماضي، أي بعد ظهور النفط وظهور السيارات والبنادق الحديثة وانعدام الوعي البيئي وعدم الاهتمام بالحياة الفطرية.
> الحبيبة هي “المهاة” في عيون العشاق العرب
وهذا الشاعر علي بن الجهم »ت 249 ه¯« وهو من شعراء العهد العباسي يصف عيون المها الراتعات ما بين رصافة بغداد وجسرها بأنهن جلبن له الهوى وأعدن له الشوق القديم ... يقول من قصيده طويلة:
عيون »المها«بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أردي
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن
سلوت ولكن زدن جمرا على جمر
سلمن وأسلمن القلوب كأنما
تشك باطراف المثقفة السمر
والمها هنا هو رمز للفتيات الغيد الجميلات، فهن يشبهن المها العربي
وهذا الشاعر الشعبي فهد »ت 1960« بن راشد بن ناصر البورسلي يتوجد على محبوبته:
سلموا لي على اللي حبهم بالضمير
من سببهم سهرت الليل واعزتاه
خص لي في سلامي ابو نهيد صغير
ناعم العود محبوبي حلي »المهاه«
قايد الريم هو عندي عديل النضير
مشغل الروح في حبه وعقلي خذاه
وهذا شاعر العرب الكبير ابو الطيب المتنبي المقتول في دير العاقول سنة 354 ه¯ /956 م يفدي بنفسه الجآذر الظبيات من بنات الأعاريب - بدو زمانه- قائلا:
من »الجآذر« في زي الاعاريب
حمر الحلي والمطايا والجلابيب
أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها
مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب
ولابرزن من الحمام مائلة
اوراكهن صقيلات العراقيب
الجآذر: جمع جؤذر وهو ولد المهاة »البقرة الوحشية« انثى او ذكر.
مثلما بدو عصر المتنبي يحبون اللون الاحمر فبدو عصرنا يفضلون اللون الاحمر ويحبونه
وهذا أحد الشعراء الشعبيين من عرب الجزيرة يصف حبيبته قائلا:
ماشية بالبيت من دون العباة
فارقة بالزين عن كل البناة
شفت لي شيء يشيب بالحياة
شفت من يشدي لفريد »المهاة«
وهذا الشاعر أبو الوليد مسلم بن الوليد »ت 833 م« الملقب بصريح الغواني، وهو من اهل الكوفة، قابل الخليفة العباسي هارون الرشيد وانشده من شعره، يقول:
قد كنت بالبصرة المغبوط ساكنها
ان التقى والصبا فيها لمصطحب
اني نظرت الى الحور الحسان بها
وانما همهن اللهو واللعبُ
عند الخريبة غيد قد صبون بنا
مثل »المها« في رياض حولها العشبُ
ويقول الشاعر الشعبي عبدالله بن صقيه متغزلا
يا العين لا تستخيلي بارق زلك
ليا صار للغير مصيافه ومرباعه
ينلاع قلبي ليا شاهدت دمع لك
كما يلوع »الوضيحي« رامي لاعه
«الوضيحي» هو الاسم الذي ترادف مع اسم «المها» في العهود المتأخرة