من القضاء العرفى البدوي
القضاء البدوي منها :
قضايا الشرف والعار والوجه والسوادات ، وحقوق المسجلات والطنب ( التطنيب ) وحق الدخيل .
( أولاً : حق المسجلات )
والمسجلات هي مصالح المرأة المسجلة (أي شئونها الخاصة وحقوقها الزوجية )
فإذا تزوج رجل من زوجة أو اثنتين أو ثلاثة وتركهن من غير زاد أو كسوة أو
( حوف ) فلها حق وحقها في لسان القاضي كما يقول : اللي بياخد ولية ( امرأة ) ويتركها بنداها ،
وعدم غطاها ، وتنقص مصالحها ، فهادي اسمها مسجلة ، ولها علم ( أي حق يخرجه القاضي ) وحقها :
رباعيات وربعان كل صباح .
( حق التطنيب )
التطنيب هو أن يترك الرجل زوجته ويهمل شئونها ، فتقوم المرأة وتشتكي وتطنب عليه
( أي ترسل له ) الطنيب ( أي الجار ) فيمهله ثلاثة أيام مشربات ، ولو ما جاها ولحقها عند الطنيب ،
ولبى حاجاتها المطلوبة ، ( فبدوته تلمه ) ويقعد في حق الطنيبة ، وإن ما وفّوه يوفي الطنيب ،
وسوقه بسوقين ( مثل الكفيل تماماً ) ولسانه ما يغرم عليه ، ووثاقته ما يغرم عليه ، وغطاه ما يغرم عليه ،
لما يوفي الطنيبة (علي الهمل اللي مطلق عاره ) - أي الرجل الهامل الذي يترك حرمات بيته بدون رعاية - ،
ولو خس عليها دقيق ، أو شئ تريده للبيت يجيبه ، وله ثلاثة أيام ، إن ما جاها يغرم ،
ويضع مثاني في حق الكفيل لو ما جاها ، وحقها يخرجه لها القاضي المسعودي ويكون حقها : سبع معزات بتيسهن ،
وحمارهن ، بيتورد عليه ، وسبع شُقّات ( بيت شَعَر ) وإن خس عليها شئ يقوم الطنيب - أي الجار - يوفي لها حقوقها ،
اللي لو زمل خش عليها له ثلاث أيام مشربات ، ولو ما جاء ولحقها عند الطنيب لبي طلباتها المطلوبة منه بدوته تلمّه ،
ويقعد في حق الطنيية .
( الدّخـــل )
أما الدّخل ( الدخيل ) أي لو أطنبت ( شبه دخل ) وتقوم بمصالحها فليس عليه شئ .
( حق الوجه )
هذا ولقد أسلفنا الحديث عن حق الوجه ، إلا أن الشيخ عميرة سلامة عميرة يضيف قائلاً : الوجه :
الرجل اللي بيطيح كفيل غريم ولزيم ، يحط بارد ، ويرد شارد ، وتصّفي في وجهه حقوق ( مطاليع حق ) وإن خط التسعة ،
ما يدري في البارد فله مطلب علي ثلاثة بنود :
1- يا مال يحط . ( أي يدفع مالاً ) .
2- يا منشد يخط ( يذهب لقضاء المنشد ) .
3- ياسواد يخط ( أي يسود عليه ) .
ولما بينقطع الوجه – كما يذكر – يكون له :
أربعين وقوف أو غلام مكتوف ، ويمشي أربعين خطوة علي قفاه ، لما يشوف نظره ( أي حتى آخر حد لرؤية العين ) بعين الغريم ،
وتتنقي ( أى تثمن ) كل خطوة بعشر رباع ومثاني ، والرباع بألف جنيه، ويسمي ( غرام وجه ) عندما لا يوفي ،
وشدق الكفيل قرش مثَنّي ، وتوثيقه ما يغرم عليه ، وغلطه ما يغرم عليه بغير وفاء .
( حق العار )
الكفيل كما يقولون : ( الكفيل ما عليه مصَغّي ) ، أي لا بد أن يكون نظيف ،
وحق العار ( لصايحة الضحي ) – صبيحة الضحي – اللي بُتسْرُب بغنمها ، وبالشيطان يلاقيها ،
وتهمل غنمها ، وتعاود علي وليها ، وما لها تَارْكيّتهْ ، وشرفهي رَدّهي جيرتها ، تنحط راس يبعد عنه الفتاش اللي هىّ :
1- أربعين من الضأن .
2- أربعين سوُدْ عين ( أي من الإبل ) .
3- وخمس من الإبل ، إن ارتبطو قدام البيض احلنَّهْ ، وإن بَرَكُوُا إليه شَالَنَّهْ .
4- وعبد وخادم ( العبد يقود ، والخادم يسوق ) .
5- وكل اللي طاح قبل الجيرة تحت الفراش ( ذبح رجال ، أو شَلّ مال ، ما توقفه غير الجيرة ) .
6- العين اللي فكرت فيها يا قلعها ، يا فداها أربعين رباع ومثاني .
7- اللسان اللي هَرَجْهِي ( أي تكلم فيها ) يا إما قطعه يا فداه عشرين رباع ومثاني .
8- الرَّجل ( الساق ) اللي وصلت إلها ( أي ذهبت إليها ) ياقطعها ، يافداؤها أربعين مثاني ، والرباع بألف جنيه .
9- وطيحتها ( أي وقوعها علي الأرض ) بأربعين من الإبل .
10- وَقُوُمتْهِا ( أي وقوفها بعد طرحها أرضاً ) بأربعين ( أي وهو باًركِ عليها وهي طايحة ،يريد أن يواقعها الفحشاء ) .
11- وإشاعتها ( أي ما قيل عنها ، وأذهب صيتها ووصل بين القبائل ) بأربعين من الإبل .
وهيدي ما لها رايات ، راياتها حُقَّانْهَا ، وسوالف عربانها .
( صيغة شكوي صائحة الضحي )
تقول الشاكية ( صائحة الضحي ) إذا اشتكت بعد أن صاحت مستحجة :
( أنا ماشية ورفاقتي سارحة بغنمي ، واستَخْلَي بىّ ، وَوقَّفْني ، وبالشيطان رماني ، وسَوَيّ ما كاد ، وهَمَّل ماراد ،
وعاودت بصيحتي ..
هادي شكوتها .
(أي أنها تتحدث بألفاظ مخصوصة )، ونحن نلحظ أن الكلام هنا مسجوع ، وهومطبوع وغير متكلف ،
إذ البدو أهل الفصاحة والبلاغة ، وبلغتهم نزل القرآن الكريم مصداقاً لقوله تعالي :
" بلسان عربي مبين " ، وقوله تعالي : " بلسان غير ذي عوج " . صدق الله العظيم ،
ومعني هذا أن البدو هم أصل اللغة فكيف لا يطوّعون سجعها وجناسها وطباقها وكناياتها واستعاراتها ،
وهذا ليس بغريب عليهم ، ولا بعيد عن بيئتهم ، ففي حضن اللغة عاشوا ، فكانوا حكماء ،
تعلموا الفراسة والقيامة والعيافة والفلك وكلها من علوم الصحراء العظيمة